22‏/6‏/2008

( قطعة قديمة ) قطرة قطرة ...




تنقر رأسي ذرات دافئة .. تفعل الجاذبية فعلها في اقل من متر بين رأسي وفتحة الدوش .. صداع اليوم بدأ يتخذ وقع مختلف ، تك...... تيك .... تيك.... تيك وموجات من راحة وألم. أغمضت عيني واستسلمت للرتم الرتيب... تنسل القطرات بين شعري الجاف تواصل انحدارها بلا رقيب أو حواجز... إلى الأكتاف ، الصدر وتواصل تفحصها لجسدي حيثما شاءت ..
تيك ...تيك ... كدقات الساعة تفرض الوقت علي أو انه يفرض نفسه ... بصوت رنيم ، وهوية رقيقة تارة توك وتارة تيك .. تختار القطرات معزوفتها على رأسي، وقطرات ماء تتجمع على جسدي كحبات العرق، تجف على مهل.. تذكرني بصور عارضات الأزياء في دعاية الترويج للمشروبات الغازية.... افتح فمي بتلهف تسقط القطرات على لساني، أعدها، اشربها، أتلقفها بعيون مغمضة، كعطش في صحراء الضياع، الثمها حول فمي حاشا أن تضيع رقراقة شاردة، أتلهف أن تزداد أو تتسارع... لكنها تستمر بتاك ... تيك ...
غير مستعجلة لها وتيرتها ، بمعيار واحد لا تكبر ولا تصغر....وفي فينة تثور عصبيتي، يصبح الصوت كتعذيب في هدوء زنزانة، يتحداني يشعرني بطول الوقت وطول انتظاري، أو تصبح القطرة كمطرقة، طرقة تتبعها طرقة.. أخاطبها فلا تجيب.. من تظنين نفسك ؟ مياه معدنية ؟ .. نادرة الوجود زلال حلال أم قد تكونين حليب كيلوبترا ... ؟ ربما . .. تتعالى ولا تجيب... أحاورها ونبدأ بالتعارف ، أمن جبل الجرمق أتيت؟ عبرت وديان بلادنا كلها؟ ولكن هاهم أسروك أنت أيضا في مواسير أدق من زنزانتي.. أم من باطن الأرض جئت، تفجرت إلى النور؟ لتصطادك الأنابيب.. إذن نحن كلانا سجناء هنا نكمل مدتنا ونرحل إلى مدة أخرى..

فانتازيا الحمام الدافئ راودتني طول الطريق، فقاعات صابون عطرية وشلال يشطف ترحال اليوم ، مغمضة عيني ، صامتة لا أغنية ولا لحن يدندن في فمي ... أقف رافعة راسي أتلقى موجات من ماء ضبابي .. يبخر ذاكرة يومي ... يجعل من شعري خصال طويلة يقطر الماء المتسارع أخرها .. كأنه دين مستحق استرجعه أخر النهار، أتنفس براحة.. استرجع أنفاس اليوم المبتورة كلها... هنا اكتب ما أريد على المرآة التي أخفاها البخار ، هنا قد اغني بأنبوب الدوش الذي يشبه الميكرفون، وقد ارفع خطاباً ترتفع له هامات الجماهير ، هنا قد ابتسم لنكات أو اضحك لهفوات أناس رأيتهم وقد نسيت أن اضحك حينها ..هنا قد أغفو قليلاً ولا احد يراني بين رواد محاضرة، هنا قد القي قصيدة أو أصبح شاعرة أو ممثله ، هنا قد أكون ما أكون ..

كم هو مريح حينما تتقلص رغباتنا بشيء صغير، ينتظرنا في بيتنا ، نعرف أين هو ويعرفنا ويعرف حميمياتنا وأدق تفاصيل جسدنا دون رياء، فلا حاجة أن اشهل صدري أو اقبض بطني ... القي حقيبتي ومفاتيحي، يطير حذائي عن قدمي وادخل إلى فصل الختام، أغلق الباب انزع عن كاهلي ملابس النهار لا آبه أين القيها، أخطو بوداعة تحت الدوش .. وألف مقبض الماء بكامل قوته دورة كاملة .... لتنهمر المياه على راسي ... تيك .... تيك ... تيك ........
سحقاًااااااااااا مكوروت قطعت الماء،....... مرة أخرى !!.

مقبولة نصار – 4/5/2005

هناك تعليقان (2):

غير معرف يقول...

اهلا مفبولة
قرأت كتاباتك واعجبتني ....يعطيكي العافيةسأقرأ دائما ما تكتبين وادون ملاحظاتي
مجدي حلبي

غير معرف يقول...

search engine rank optimization seo optimisation backlink service backlinks service